شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

53 - ومن كتاب له # كتبه للأشتر النخعي | لما ولاه على مصر وأعمالها

صفحة 32 - الجزء 17

  وكرهت أي لا تمكنها من الاسترسال في الشهوات وكن أميرا عليها ومسيطرا وقامعا لها من التهور والانهماك.

  فإن قلت هذا معنى قوله فيما أحبت فما معنى قوله وكرهت قلت لأنها تكره الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات الشرعية ومن الواجبات العقلية وكما يجب أن يكون الإنسان مهيمنا عليها في طرف الفعل يجب أن يكون مهيمنا عليها في طرف الترك: وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ اَلرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَاَلْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَاَللُّطْفَ بِهِمْ وَلاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي اَلْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ اَلزَّلَلُ وَتَعْرِضُ لَهُمُ اَلْعِلَلُ وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي اَلْعَمْدِ وَاَلْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلِ اَلَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اَللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَوَالِي اَلْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَاَللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلاَّكَ وَقَدِ اِسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَاِبْتَلاَكَ بِهِمْ وَلاَ تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اَللَّهِ فَإِنَّهُ لاَ يَدَيْ يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَلاَ غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ وَلاَ تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَلاَ تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ وَلاَ تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَلاَ تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي اَلْقَلْبِ وَمَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَتَقَرُّبٌ مِنَ اَلْغِيَرِ