فصل في النهي عن سماع السعاية وما ورد ذلك من الآثار
  فكوني على الواشين لداء شغبة ... كما أنا للواشي ألد شغوب
  قال بل أكون كما قال القائل:
  وإذا الواشي وشى يوما بها ... نفع الواشي بما جاء يضر
  وقال العباس بن الأحنف:
  ما حطك الواشون من رتبة ... عندي ولا ضرك مغتاب
  كأنهم أثنوا ولم يعلموا ... عليك عندي بالذي عابوا
  قوله # ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر مأخوذ من قول الله تعالى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}[البقرة: ٢٦٨] قال المفسرون الفحشاء هاهنا البخل ومعنى يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ يخيل إليكم أنكم إن سمحتم بأموالكم افتقرتم فيخوفكم فتخافون فتبخلون.
  قوله # فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله كلام شريف عال على كلام الحكماء يقول إن بينها قدرا مشتركا وإن كانت غرائز وطبائع مختلفة وذلك القدر المشترك هو سوء الظن بالله لأن الجبان يقول في نفسه إن أقدمت قتلت والبخيل يقول إن سمحت وأنفقت افتقرت والحريص يقول إن لم أجد وأجتهد وأدأب فاتني ما أروم وكل هذه الأمور ترجع إلى سوء الظن بالله ولو أحسن الظن الإنسان بالله وكان يقينه صادقا لعلم أن الأجل مقدر وأن الرزق مقدر وأن الغنى والفقر مقدران وأنه لا يكون من ذلك إلا ما قضى الله تعالى كونه