شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الكتاب وما يلزمهم من الآداب

صفحة 79 - الجزء 17

  به التجربة لهم وما ولوه من قبل فإن كانت ولايتهم وكتابتهم حسنة مشكورة فهم هم وإلا فلا ويتعرفون لفراسات الولاة يجعلون أنفسهم بحيث يعرف بضروب من التصنع وروي يتعرضون.

  ثم أمره أن يقسم فنون الكتابة وضروبها بينهم نحو أن يكون أحدهم للرسائل إلى الأطراف والأعداء والآخر لأجوبة عمال السواد والآخرة بحضرة الأمير في خاصته وداره وحاشيته وثقاته.

  ثم ذكر له أنه مأخوذ مع الله تعالى بما يتغابى عنه ويتغافل من عيوب كتابه فإن الدين لا يبيح الإغضاء والغفلة عن الأعوان والخول ويوجب التطلع عليهم

فصل في الكتاب وما يلزمهم من الآداب

  واعلم أن الكاتب الذي يشير أمير المؤمنين # إليه هو الذي يسمى الآن في الاصطلاح العرفي وزيرا لأنه صاحب تدبير حضرة الأمير والنائب عنه في أموره وإليه تصل مكتوبات العمال وعنه تصدر الأجوبة وإليه العرض على الأمير وهو المستدرك على العمال والمهيمن عليهم وهو على الحقيقة كاتب الكتاب ولهذا يسمونه الكاتب المطلق.

  وكان يقال للكاتب على الملك ثلاث رفع الحجاب عنه واتهام الوشاة عليه وإفشاء السر إليه.

  وكان يقال صاحب السلطان نصفه وكاتبه كله وينبغي لصاحب الشرطة أن يطيل الجلوس ويديم العبوس ويستخف بالشفاعات.