شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

طرف من أخبار عمر بن عبد العزيز ونزاهته في خلافته

صفحة 101 - الجزء 17

  له قال ذكرت له ولده فجعل يستدمع ويقول أكلهم إلى الله فقال عبد الملك بئس وزير الدين أنت ثم وثب وانطلق إلى أبيه فقال للآذن استأذن لي عليه فقال إنه قد وضع رأسه الساعة للقائلة فقال استأذن لي عليه فقال أما ترحمونه ليس له من الليل والنهار إلا هذه الساعة قال استأذن لي عليه لا أم لك فسمع عمر كلامهما فقال ائذن لعبد الملك فدخل فقال على ما ذا عزمت قال أرد السهلة قال فلا تؤخر ذلك قم الآن قال فجعل عمر يرفع يديه ويقول الحمد لله الذي جعل لي من ذريتي من يعينني على أمر ديني قال نعم يا بني أصلي الظهر ثم أصعد المنبر فأردها علانية على رءوس الناس قال ومن لك أن تعيش إلى الظهر ثم من لك أن تسلم نيتك إلى الظهر إن عشت إليها فقام عمر فصعد المنبر فخطب الناس ورد السهلة.

  قال وكتب عمر بن الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز لما أخذ بني مروان برد المظالم كتابا أغلظ له فيه من جملته أنك أزريت على كل من كان قبلك من الخلفاء وعبتهم وسرت بغير سيرتهم بغضا لهم وشنآنا لمن بعدهم من أولادهم وقطعت ما أمر الله به أن يوصل وعمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها بيت المال جورا وعدوانا فاتق الله يا ابن عبد العزيز وراقبه فإنك خصصت أهل بيتك بالظلم والجور وو الذي خص محمد ÷ بما خصه به لقد ازددت من الله بعدا بولايتك هذه التي زعمت أنها عليك بلاء فأقصر عن بعض ما صنعت واعلم أنك بعين جبار عزيز وفي قبضته ولن يتركك على ما أنت عليه.

  قالوا فكتب عمر جوابه أما بعد فقد قرأت كتابك وسوف أجيبك بنحو منه أما أول أمرك يا ابن الوليد فإن أمك نباتة أمة السكون كانت تطوف في أسواق حمص وتدخل حوانيتها ثم الله أعلم بها اشتراها ذبيان بن ذبيان من فيء المسلمين فأهداها