شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل فيما جاء في الحذر من كيد العدو

صفحة 115 - الجزء 17

  لكني لا أرضى إلا بغلبة الحجة ودفع الشبهة وإن أنقص الملوك عقلا وأسخفهم رأيا من رضي بقولهم صدق الأمير.

  وأثنى رجل على رجل فقال الحمد لله الذي سترني عنك وكان بعض الصالحين يقول إذا أطراه إنسان ليسألك الله عن حسن ظنك.

  ومنها قوله وإياك والمن قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}⁣[البقرة: ٢٦٤] وكان يقال المن محبة للنفس مفسدة للصنع.

  ومنها نهيه إياه عن التزيد في فعله قال # إنه يذهب بنور الحق وذلك لأنه محض الكذب مثل أن يسدي ثلاثة أجزاء من الجميل فيدعي في المجالس والمحافل أنه أسدى عشرة وإذا خالط الحق الكذب أذهب نوره.

  ومنها نهيه إياه عن خلف الوعد قد مدح الله نبيا من الأنبياء وهو إسماعيل بن إبراهيم # بصدق الوعد وكان يقال وعد الكريم نقد وتعجيل ووعد اللئيم مطل وتعطيل وكتب بعض الكتاب وحق لمن أزهر بقول أن يثمر بفعل وقال أبو مقاتل الضرير قلت لأعرابي قد أكثر الناس في المواعيد فما قولك فيها فقال بئس الشيء الوعد مشغلة للقلب الفارغ متعبة للبدن الخافض خيره غائب وشره حاضر وفي الحديث المرفوع عدة المؤمن كأخذ باليد فأما أمير المؤمنين # فقال إنه يوجب المقت واستشهد عليه بالآية والمقت البغض.

  ومنها نهيه عن العجلة وكان يقال أصاب متثبت أو كاد وأخطأ عجل أو كاد وفي المثل رب عجلة تهب ريثا وذمها الله تعالى فقال {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}⁣[الأنبياء: ٣٧].