شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

55 - ومن كتاب له # إلى معاوية

صفحة 135 - الجزء 17

٥٥ - ومن كتاب له # إلى معاوية

  أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ اَلدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا وَاِبْتَلَى فِيهَا أَهْلَهَا لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا وَلاَ بِالسَّعْيِ فِيهَا أُمِرْنَا وَإِنَّمَا وُضِعْنَا فِيهَا لِنُبْتَلَي بِهَا وَقَدِ اِبْتَلاَنِي اَللَّهُ بِكَ وَاِبْتَلاَكَ بِي فَجَعَلَ أَحَدُنَا حُجَّةً عَلَى اَلآْخَرِ فَعَدَوْتَ عَلَى طَلَبِ اَلدُّنْيَا بِتَأْوِيلِ اَلْقُرْآنِ وَطَلَبْتَنِي فَطَلَبْتَنِي بِمَا لَمْ تَجْنِ يَدِي وَلاَ لِسَانِي وَعَصَبْتَهُ عَصَيْتَهُ أَنْتَ وَأَهْلُ اَلشَّامِ بِي وَأَلَّبَ عَالِمُكُمْ جَاهِلَكُمْ وَقَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ فَاتَّقِ اَللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَنَازِعِ اَلشَّيْطَانَ قِيَادَكَ وَاِصْرِفْ إِلَى اَلآْخِرَةِ وَجْهَكَ فَهِيَ طَرِيقُنَا وَطَرِيقُكَ وَاِحْذَرْ أَنْ يُصِيبَكَ اَللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسُّ اَلْأَصْلَ وَتَقْطَعُ اَلدَّابِرَ فَإِنِّي أُولِي لَكَ بِاللَّهِ أَلِيَّهً غَيْرَ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِي وَإِيَّاكَ جَوَامِعُ اَلْأَقْدَارِ لاَ أَزَالُ بِبَاحَتِكَ {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ٨٧}⁣[الأعراف: ٨٧] قال # إن الله قد جعل الدنيا لما بعدها أي جعلها طريقا إلى الآخرة.

  ومن الكلمات الحكمية الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها وابتلي فيها أهلها أي اختبرهم ليعلم أيهم أحسن عملا وهذا من ألفاظ القرآن العزيز والمراد ليعلم خلقه