شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

57 - ومن كتاب له # إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة

صفحة 140 - الجزء 17

٥٧ - ومن كتاب له # إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة

  أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي خَرَجْتُ عَنْ مِنْ حَيِّي هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَإِمَّا مَظْلُوماً وَإِمَّا بَاغِياً وَإِمَّا مَبْغِيّاً عَلَيْهِ وَأَنَا إِنِّي أُذَكِّرُ اَللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَيَّ فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِي وَإِنْ كُنْتُ مُسِيئاً اِسْتَعْتَبَنِي ما أحسن هذا التقسيم وما أبلغه في عطف القلوب عليه واستمالة النفوس إليه.

  قال لا يخلو حالي في خروجي من أحد أمرين إما أن أكون ظالما أو مظلوما وبدأ بالظالم هضما لنفسه ولئلا يقول عدوه بدأ بدعوى كونه مظلوما فأعطى عدوه من نفسه ما أراد.

  قال فلينفر المسلمون إلي فإن وجدوني مظلوما أعانوني وإن وجدوني ظالما نهوني عن ظلمي لأعتب وأنيب إلى الحق وهذا كلام حسن ومراده # يحصل على كلا الوجهين لأنه إنما أراد أن يستنفرهم وهذان الوجهان يقتضيان نفيرهم إليه على كل حال والحي المنزل ولما هاهنا بمعنى إلا كقوله تعالى {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}⁣[الطارق: ٤] في قراءة من قرأها بالتشديد