شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الأول

صفحة 158 - الجزء 17

  في غير هذا القول مندوحة ولكان يقول إني ما أكرهتكم ولا حملتكم على مبايعتي وما كنت أبالي ألا يكون هذا الأمر في ولا إلي وإن مفارقته لتسرني لو لا ما ألزمنيه الدخول فيه من التمسك به ومتى عدلنا عن ظواهر الكلام بلا دليل جر ذلك علينا ما لا قبل لنا به وأما أمير المؤمنين # فإنه لم يقل ابن عمر البيعة بعد دخولها فيها وإنما استعفاه من أن يلزمه البيعة ابتداء فأعفاه قلة فكر فيه وعلما بأن إمامته لا تثبت بمبايعة من يبايعه عليها فأين هذا من استقالة بيعة قد تقدمت واستقرت.

  قلت أما قول أبي بكر وليتكم ولست بخيركم فقد صدق عند كثير من أصحابنا لأن خيرهم علي بن أبي طالب # ومن لا يقول بذلك يقول بما قاله الحسن البصري والله إنه ليعلم أنه خيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه ولم يطعن المرتضى فيه بهذه اللفظة لنطيل القول فيها وأما قول المرتضى عنه أنه قال فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبى فالمشهور في الرواية فإن لي شيطانا يعتريني قال المفسرون أراد بالشيطان الغضب وسماه شيطانا على طريق الاستعارة وكذا ذكره شيخنا أبو الحسين في الغرر قال معاوية لإنسان غضب في حضرته فتكلم بما لا يتكلم بمثله في حضرة الخلفاء اربع على ظلعك أيها الإنسان فإنما الغضب شيطان وأنا لم نقل إلا خيرا.

  وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب التاريخ الكبير خطبتي أبي بكر عقيب بيعته بالسقيفة ونحن نذكرهما نقلا من كتابه أما الخطبة الأولى فهي