شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثاني

صفحة 165 - الجزء 17

  يسأل هل لهم حق في الإمامة أم لا لأن الإمامة قد يتعلق بها حقوق سواها ثم دفع الرواية المتعلقة ببيت فاطمة # وقال فأما تمنيه أن يبايع غيره فلو ثبت لم يكن ذما لأن من اشتد التكليف عليه فهو يتمنى خلافه.

  اعترض المرتضى | هذا الكلام فقال ليس يجوز أن يقول أبو بكر ليتني كنت سألت عن كذا إلا مع الشك والشبهة لأن مع العلم واليقين لا يجوز مثل هذا القول هكذا يقتضي الظاهر فأما قول إبراهيم # فإنما ساغ أن يعدل عن ظاهره لأن الشك لا يجوز على الأنبياء ويجوز على غيرهم على أنه # قد نفى عن نفسه الشك بقوله {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}⁣[البقرة: ٢٦٠] وقد قيل إن نمرود قال له إذا كنت تزعم أن لك ربا يحيي الموتى فاسأله أن يحيي لنا ميتا إن كان على ذلك قادرا فإن لم تفعل ذلك قتلتك فأراد بقوله {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}⁣[البقرة: ٢٦٠] أي لآمن توعد عدوك لي بالقتل وقد يجوز أن يكون طلب ذلك لقومه وقد سألوه أن يرغب إلى الله تعالى فيه فقال ليطمئن قلبي إلى إجابتك لي وإلى إزاحة علة قومي ولم يرد ليطمئن قلبي إلى أنك تقدر على أن تحيي الموتى لأن قلبه قد كان بذلك مطمئنا وأي شيء يريد أبو بكر من التفضيل أكثر من قوله إن هذا الأمر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش وأي فرق بين ما يقال عند الموت وبين ما يقال قبله إذا كان محفوظا معلوما لم ترفع كلمة ولم تنسخ.

  وبعد فظاهر الكلام لا يقتضي هذا التخصيص ونحن مع الإطلاق والظاهر وأي حق يجوز أن يكون للأنصار في الإمامة غير أن يتولاها رجل منهم حتى يجوز أن يكون الحق الذي تمنى أن يسأل عنه غير الإمامة وهل هذا إلا تعسف وتكلف