شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثاني

صفحة 167 - الجزء 17

  يدفع الشك الذي يقتضيه قوله ليتني سألته ولا فرق في دفع الشك بين أن يتقدم الدافع أو يتأخر أو يقارن.

  ثم يقال للمرتضى ألست في هذا الكتاب وهو الشافي بينت أن قصة السقيفة لم يجر فيها ذكر نص عن رسول الله ÷ بأن الأئمة من قريش وأنه لم يكن هناك إلا احتجاج أبي بكر وعمر بأن قريشا أهل النبي ÷ وعشيرته وأن العرب لا تطيع غير قريش وذكرت عن الزهري وغيره أن القول الصادر عن أبي بكر إن هذا الأمر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش ليس نصا مرويا عن رسول الله ÷ وإنما هو قول قاله أبو بكر من تلقاء نفسه ورويت في ذلك الروايات ونقلت من الكتب من تاريخ الطبري وغيره صورة الكلام والجدال الدائر بينه وبين الأنصار فإذا كان هذا قولك فلم تنكر على أبي بكر قوله ليتني كنت سألت رسول الله ÷ هل للأنصار في هذا الأمر حق لأنه لم يسمع النص ولا رواه ولا روي له وإنما دفع الأنصار بنوع من الجدل فلا جرم بقي في نفسه شيء من ذلك وقال عند موته ليتني كنت سألت رسول الله ÷ وليس ذلك مما يقتضي شكه في بيعته كما زعم الطاعن لأنه إنما يشك في بيعته لو كان قال قائل أو ذهب ذاهب إلى أن الإمامة ليست إلا في الأنصار ولم يقل أحد ذلك بل النزاع كان في هل الإمامة مقصورة على قريش خاصة أم هي فوضى بين الناس كلهم وإذا كانت الحال هذه لم يكن شاكا في إمامته وبيعته بقوله ليتني سألت رسول الله ÷ هل للأنصار في هذا حق لأن بيعته على كلا التقديرين تكون صحيحة.