الطعن الثالث
  لا خلاف بين المسلمين أن الحسين # كان يصلح للإمامة وإن لم يوله أبوه الولايات وفي مثل ذلك خلاف من حال عمر فافترق الأمران فأما قوله إنه لم يعثر على عمر بتقصير في الولاية فمن سلم بذلك أوليس يعلم أن مخالفته تعد تقصيرا كثيرا ولو لم يكن إلا ما اتفق عليه من خطئه في الأحكام ورجوعه من قول إلى غيره واستفتائه الناس في الصغير والكبير وقوله كل الناس أفقه من عمر لكان فيه كفاية وليس كل النهوض بالإمامة يرجع إلى حسن التدبير والسياسة الدنياوية ورم الأعمال والاستظهار في جباية الأموال وتمصير الأمصار ووضع الأعشار بل حظ الإمامة من العلم بالأحكام والفتيا بالحلال والحرام والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه أقوى فمن قصر في هذا لم ينفعه أن يكون كاملا في ذلك.
  فأما قوله فهلا دل ما روي من قوله # فإن وليتم عمر وجدتموه قويا في أمر الله قويا في بدنه فهذا لو ثبت لدل وقد تقدم القول عليه وأقوى ما يبطله عدول أبي بكر عن ذكره والاحتجاج به لما أراد النص على عمر فعوتب على ذلك وقيل له ما تقول لربك إذ وليت علينا فظا غليظا فلو كان صحيحا لكان يحتج به ويقول وليت عليكم من شهد النبي ÷ بأنه قوي في أمر الله قوي في بدنه وقد قيل في الطعن على صحة هذا الخبر إن ظاهره يقتضي تفضيل عمر على أبي بكر والإجماع بخلاف ذلك لأن القوة في الجسم فضل قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[البقرة: ٢٤٧] وبعد فكيف يعارض ما اعتمدناه من عدوله # عن ولايته وهو أمر معلوم بهذا الخبر المردود المدفوع.
  قلت أما ما ادعاه من عادة الملوك فالأمر بخلافه فإنا قد وقفنا على سير الأكاسرة وملوك الروم وغيرهم فما سمعنا أن أحدا منهم رشح ولده