شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثالث

صفحة 173 - الجزء 17

  وليس اشتغاله بالحرب بمانع له عن ولاية ولده وقد كان مشتغلا بالحرب وهو يولي بني عمه العباس الولايات والبلاد الجليلة فأما قوله على أنه قد نص عليه بالإمامة بعد أخيه الحسن فهذا يغني عن توليته شيئا من الأعمال فلقائل أن يمنع ما ذكره من حديث النص فإنه أمر تنفرد به الشيعة وأكثر أرباب السير والتواريخ لا يذكرون أن أمير المؤمنين # نص على أحد ثم إن ساغ له ذلك ساغ لقاضي القضاة أن يقول إن قول النبي ÷ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر يغني عن تولية عمر شيئا من الولايات لأن هذا القول آكد من الولاية في ترشحه للخلافة.

  فأما قوله على أنه لا خلاف بين المسلمين في صلاحية الحسين للخلافة وإن لم يوله أبوه الولايات وفي عمر خلاف ظاهر بين المسلمين فلقائل أن يقول له إجماع المسلمين على صلاحية الحسين للخلافة لا يدفع المعارضة بل يؤكدها لأنه إذا كان المسلمون قد أجمعوا على صلاحيته للخلافة ولم يكن ترك تولية أبيه إياه الولايات قادحا في صلاحيته لها بعده جاز أيضا أن يكون ترك تولية رسول الله ÷ عمر الولايات في حياته غير قادح في صلاحيته للخلافة بعده.

  ثم ما ذكره من تقصير عمر في الخلافة بطريق اختلاف أحكامه ورجوعه إلى فتاوى العلماء فقد ذكرنا ذلك فيما تقدم لما تكلمنا في مطاعن الشيعة على عمر وأجبنا عنه.

  وأما قوله لا يغني حسن التدبير والسياسة ورم الأمور مر القصور في الفقه فأصحابنا يذهبون إلى أنه إذا تساوى اثنان في خصال الإمامة إلا أنه كان أحدهما أعلم والآخر