شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثالث

صفحة 174 - الجزء 17

  أسوس فإن الأسوس أولى بالإمامة لأن حاجة الإمامة إلى السياسة وحسن التدبير آكد من حاجتها إلى العلم والفقه.

  وأما الخبر المروي في عمر وهو قوله وإن تولوها عمر فيجوز ألا يكون أبو بكر سمعه من رسول الله ÷ ويكون الراوي له غيره ويجوز أن يكون سمعه وشذ عنه أن يحتج به على طلحة لما أنكر استخلاف عمر ويجوز ألا يكون شذ عنه وترك الاحتجاج به استغناء عنه لعلمه أن طلحة لا يعتد بقوله عند الناس إذا عارض قوله ولعله كنى عن هذا النص بقوله إذا سألني ربي قلت له استخلفت عليهم خير أهلك على أنا متى فتحنا باب هلا احتج فلان بكذا جر علينا ما لا قبل لنا به وقيل هلا احتج علي # على طلحة وعائشة والزبير بقول رسول الله ÷ من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهلا احتج عليهم بقوله أنت مني بمنزله هارون من موسى ولا يمكن الشيعة أن يعتذروا هاهنا بالتقية لأن السيوف كانت قد سلت من الفريقين ولم يكن مقام تقية.

  وأما قوله هذا الخبر لو صح لاقتضى أن يكون عمر أفضل من أبي بكر وهو خلاف إجماع المسلمين فلقائل أن يقول لم قلت إن المسلمين أجمعوا على أن أبا بكر أفضل من عمر مع أن كتب الكلام والتصانيف المصنفة في المقالات مشحونة بذكر الفرقة العمرية وهم القائلون إن عمر أفضل من أبي بكر وهي طائفة عظيمة من المسلمين يقال إن عبد الله بن مسعود منهم وقد رأيت أن جماعة من الفقهاء يذهبون إلى هذا ويناظرون عليه على أنه لا يدل الخبر على ما ذكره المرتضى لأنه وإن كان عمر أفضل منه باعتبار قوة البدن فلا يدل على أنه أفضل منه مطلقا فمن الجائز أن يكون بإزاء هذه الخصلة خصال كثيرة في أبي بكر من خصال الخير يفضل بها على عمر