شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الرابع

صفحة 178 - الجزء 17

  وأما قول صاحب الكتاب إنه لم ينكر على أسامة تأخره فليس بشيء وأي إنكار أبلغ من تكراره الأمر وترداده القول في حال يشغل عن المهم ويقطع الفكر إلا فيها وقد كرر الأمر على المأمور تارة بتكرار الأمر وأخرى بغيره وإذا سلمنا أن أمره # كان متوجها إلى القائم بعده بالأمر لتنفيذ الجيش بعد الوفاة لم يلزم ما ذكره من خروج المخاطب بالتنفيذ عن الجملة وكيف يصح ذلك وهو من جملة الجيش والأمر متضمن تنفيذ الجيش فلا بد من نفوذ كل من كان في جملته لأن تأخر بعضهم يسلب النافذين اسم الجيش على الإطلاق أوليس من مذهب صاحب الكتاب أن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم إلا معه وقد اعتمد على هذا في مواضع كثيرة فإن كان خروج الجيش ونفوذه لا يتم إلا بخروج أبي بكر فالأمر بخروج الجيش أمر لأبي بكر بالنفوذ والخروج وكذلك لو أقبل عليه على سبيل التخصيص وقال نفذوا جيش أسامة وكان هو من جملة الجيش فلا بد أن يكون ذلك أمرا له بالخروج واستدلاله على أنه لم يكن هناك إمام منصوص عليه بعموم الأمر بالتنفيذ ليس بصحيح لأنا قد بينا أن الخطاب إنما توجه إلى الحاضرين ولم يتوجه إلى الإمام بعده على أن هذا لازم له لأن الإمام بعده لا يكون إلا واحدا فلم عمم الخطاب ولم يفرد به الواحد فيقول لينفذ القائم من بعدي بالأمر جيش أسامة فإن الحال لا يختلف في كون الإمام بعده واحدا بين أن يكون منصوصا عليه أو مختارا.

  وأما ما ادعاه أن الشرط في أمره # لهم بالنفوذ فباطل لأن إطلاق الأمر يمنع من إثبات الشرط وإنما يثبت من الشروط ما يقتضي الدليل إثباته من التمكن والقدرة لأن ذلك شرط ثابت في كل أمر ورد من حكيم والمصلحة بخلاف ذلك لأن الحكيم لا يأمر بشرط المصلحة بل إطلاق الأمر منه يقتضي ثبوت المصلحة وانتفاء المفسدة وليس كذلك التمكن وما يجري مجراه ولهذا لا يشترط