شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الخامس

صفحة 197 - الجزء 17

  وإكباره قول من يذهب إلى أن أبا بكر عزل عن أداء السورة والموسم جميعا وجمعه بين ذلك في البعد وبين إنكار عباد أن يكون أمير المؤمنين # ارتجع سورة براءة من أبي بكر فأول ما فيه أنا لا ننكر أن يكون أكثر الأخبار واردة بأن أبا بكر حج بالناس في تلك السنة إلا أنه قد روى قوم من أصحابنا خلاف ذلك وأن أمير المؤمنين # كان أمير الموسم في تلك السنة وأن عزل الرجل كان عن الأمرين معا واستكبار ذلك وفيه خلاف لا معنى له فأما ما حكاه عن عباد فإنا لا نعرفه وما نظن أحدا يذهب إلى مثله وليس يمكنه بإزاء ذلك جحد مذهب أصحابنا الذي حكيناه وليس عباد لو صحت الرواية عنه بإزاء من ذكرناه فهو مليء بالجهالات ودفع الضرورات وبعد فلو سلمنا أن ولاية الموسم لم تفسخ لكان الكلام باقيا لأنه إذا كان ما ولي مع تطاول الزمان إلا هذه الولاية ثم سلب شطرها والأفخم الأعظم منها فليس ذلك إلا تنبيها على ما ذكرناه.

  فأما ما حكاه عن أبي علي من أن عادة العرب ألا يحل ما عقده الرئيس منهم إلا هو أو المتقدم من رهطه فمعاذ الله أن يجري النبي ÷ سنته وأحكامه على عادات الجاهلية وقد بين # لما رجع إليه أبو بكر يسأله عن أخذ السورة منه الحال

  فقال إنه أوحي إلي ألا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ولم يذكر ما ادعاه أبو علي على أن هذه العادة قد كان يعرفها النبي ÷ قبل بعثه أبا بكر بسورة براءة فما باله لم يعتمدها في الابتداء ويبعث من يجوز أن يحل عقده من قومه.

  فأما ادعاؤه ولاية أبي بكر الصلاة فقد ذكرنا فيما تقدم أنه لم يوله إياها فأما فصله بين صلاته خلف عبد الرحمن وبين صلاة أبي بكر بالناس فليس بشيء لأنا إذا كنا قد دللنا على أن الرسول ÷ ما قدم أبا بكر إلى الصلاة فقد