الطعن الخامس
  قلت قد ذكرنا فيما تقدم القول في تولية الملك بعض أصحابه وترك تولية بعضهم وكيفية الحال في ذلك على أنه قد روى أصحاب المغازي أنه أمر أبا بكر في شعبان من سنة سبع على سرية بعثها إلى نجد فلقوا جمعا من هوازن فبيتوهم فروى إياس بن سلمة عن أبيه قال كنت في ذلك البعث فقتلت بيدي سبعة منهم وكان شعارنا أمت أمت وقتل من أصحاب النبي ÷ قوم وجرح أبو بكر وارتث وعاد إلى المدينة على أن أمراء السرايا الذين كان يبعثهم ÷ كانوا قوما مشهورين بالشجاعة ولقاء الحروب كمحمد بن مسلمة وأبي دجانة وزيد بن حارثة ونحوهم ولم يكن أبو بكر مشهورا بالشجاعة ولقاء الحروب ولم يكن جبانا ولا خوارا وإنما كان رجلا مجتمع القلب عاقلا ذا رأي وحسن تدبير وكان رسول الله ÷ يترك بعثه في السرايا لأن غيره أنفع منه فيها ولا يدل ذلك على أنه لا يصلح للإمامة وأن الإمامة لا تحتاج أن يكون صاحبها من المشهورين بالشجاعة وإنما يحتاج إلى ثبات القلب وإلا يكون هلعا طائر الجنان وكيف يقول المرتضى إنه ÷ لم يكن محتاجا إلى رأي أحد وقد نقل الناس كلهم رجوعه من رأي إلى رأي عند المشورة نحو ما جرى يوم بدر من تغير المنزل لما أشار عليه الحباب بن المنذر ونحو ما جرى يوم الخندق من فسخ رأيه في دفع ثلث تمر المدينة إلى عيينة بن حصن ليرجع بالأحزاب عنهم لأجل ما رآه سعد بن معاذ وسعد بن عبادة من الحرب والعدول عن الصلح ونحو ما جرى في تلقيح النخل بالمدينة وغير ذلك فأما ولاية أبي بكر الموسم فأكثر الأخبار على ذلك ولم يرو عزله عن الموسم إلا قوم من الشيعة.