الطعن الخامس
  وأما ما أنكره المرتضى من حال عباد بن سليمان ودفعه أن يكون علي أخذ براءة من أبي بكر واستغرابه ذلك عجب فإن قول عباد قد ذهب إليه كثير من الناس ورووا أن رسول الله ÷ لم يدفع براءة إلى أبي بكر وأنه بعد أن نفذ أبو بكر بالحجيج أتبعه عليا ومعه تسع آيات من براءة وقد أمره أن يقرأها على الناس ويؤذنهم بنقض العهد وقطع الدنية فانصرف أبو بكر إلى رسول الله ÷ فأعاده على الحجيج وقال له أنت الأمير وعلي المبلغ فإنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ولم ينكر عباد أمر براءة بالكلية وإنما أنكر أن يكون النبي ÷ دفعها إلى أبي بكر ثم انتزعها منه وطائفة عظيمة من المحدثين يروون ما ذكرناه وإن كان الأكثر الأظهر أنه دفعها إليه ثم أتبعه بعلي # فانتزعها منه والمقصود أن المرتضى قد تعجب مما لا يتعجب من مثله فظن أن عبادا أنكر حديث براءة بالكلية وقد وقفت أنا على ما ذكره عباد في هذه القضية في كتابه المعروف بكتاب الأبواب وهو الكتاب الذي نقضه شيخنا أبو هاشم فأما عذر شيخنا أبي علي وقوله إن عادة العرب ذلك واعتراض المرتضى عليه فالذي قاله المرتضى أصح وأظهر وما نسب إلى عادة العرب غير معروف وإنما هو تأويل تأول به متعصبو أبي بكر لانتزاع براءة منه وليس بشيء ولست أقول ما قاله المرتضى من أن غرض رسول الله ÷ إظهار أن أبا بكر لا يصلح للأداء عنه بل أقول فعل ذلك لمصلحة رآها ولعل السبب في ذلك أن عليا # من بني عبد مناف وهم جمرة قريش بمكة وعلي أيضا شجاع لا يقام له وقد حصل في صدور قريش منه الهيبة الشديدة والمخافة العظيمة فإذا حصل مثل هذا الشجاع البطل وحوله من بني عمه وهم أهل العزة والقوة والحمية