شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

كتاب معاوية إلى علي

صفحة 255 - الجزء 17

  وأما قوله لو عاش رسول الله ÷ فبربك هل كان يرضى لك أن تؤذي حليلته فلعلي # أن يقلب الكلام عليه فيقول أفتراه لو عاش أكان يرضى لحليلته أن تؤذي أخاه ووصيه وأيضا أتراه لو عاش أكان يرضى لك يا ابن أبي سفيان أن تنازع عليا الخلافة وتفرق جماعة هذه الأمة وأيضا أتراه لو عاش أكان يرضى لطلحة والزبير أن يبايعا ثم ينكثا لا لسبب بل قالا جئنا نطلب الدراهم فقد قيل لنا إن بالبصرة أموالا كثيرة هذا كلام يقوله مثلهما.

  فأما قوله تركت دار الهجرة فلا عيب عليه إذا انقضت عليه أطراف الإسلام بالبغي والفساد أن يخرج من المدينة إليها ويهذب أهلها وليس كل من خرج من المدينة كان خبثا فقد خرج عنها عمر مرارا إلى الشام ثم لعلي # أن يقلب عليه الكلام فيقول له وأنت يا معاوية فقد نفتك المدينة أيضا عنها فأنت إذا خبث وكذلك طلحة والزبير وعائشة الذين تتعصب لهم وتحتج على الناس بهم وقد خرج عن المدينة الصالحون كابن مسعود وأبي ذر وغيرهما وماتوا في بلاد نائية عنها وأما قوله بعدت عن حرمة الحرمين ومجاورة قبر رسول الله ÷ فكلام إقناعي ضعيف والواجب على الإمام أن يقدم الأهم فالأهم من مصالح الإسلام وتقديم قتال أهل البغي على المقام بين الحرمين أولى فأما ما ذكره من خذلانه عثمان وشماتته به ودعائه الناس بعد قتله إلى نفسه وإكراهه طلحة والزبير وغيرهما على بيعته فكله دعوى والأمر بخلافها ومن نظر كتب السير عرف أنه قد بهته وادعى عليه ما لم يقع منه.

  وأما قوله التويت على أبي بكر وعمر وقعدت عنهما وحاولت الخلافة بعد رسول الله ÷ فإن عليا # لم يكن يجحد ذلك ولا ينكره ولا ريب