كتاب معاوية إلى علي
  أنه كان يدعى الأمر بعد وفاة رسول الله ÷ لنفسه على الجملة أما لنص كما تقوله الشيعة أو لأمر آخر كما يقوله أصحابنا فأما قوله لو وليتها حينئذ لفسد الأمر واضطرب الإسلام فهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله ولعله لو وليها حينئذ لاستقام الأمر وصلح الإسلام وتمهد فإنه ما وقع الاضطراب عند ولايته بعد عثمان إلا لأن أمره هان عندهم بتأخره عن الخلافة وتقدم غيره عليه فصغر شأنه في النفوس وقرر من تقدمه في قلوب الناس أنه لا يصلح لها كل الصلاحية والناس على ما يحصل في نفوسهم ولو كان وليها ابتداء وهو على تلك الحالة التي كان عليها أيام حياة رسول الله ÷ وتلك المنزلة الرفيعة والاختصاص الذي كان له لكان الأمر غير الذي رأيناه عند ولايته بعد عثمان وأما قوله لأنك الشامخ بأنفه الذاهب بنفسه فقد أسرف في وصفه بما وصفه به ولا شك أن عليا # كان عنده زهو لكن لا هكذا وكان # مع زهوه ألطف الناس خلقا.
  ثم نرجع إلى تفسير ألفاظه # قوله وذكرت أنك زائري في جمع من المهاجرين والأنصار وقد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك هذا الكلام تكذيب له في قوله في جمع من المهاجرين والأنصار أي ليس معك مهاجر لأن أكثر من معك ممن رأى رسول الله ÷ هم أبناء الطلقاء ومن أسلم بعد الفتح وقد قال النبي ÷ لا هجرة بعد الفتح.
  وعبر عن يوم الفتح بعبارة حسنة فيها تقريع لمعاوية وأهله بالكفر وأنهم ليسوا من ذوي السوابق فقال قد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك يعني يزيد بن أبي سفيان أسر يوم الفتح في باب الخندمة وكان خرج في نفر من قريش يحاربون ويمنعون