المقدمة
  في البطحاء على الصاع والمد، وأراد علي # أن يحجر على عبد الله بن جعفر لتبذيره المال، فاحتال لنفسه، فشارك الزبير في أمواله وتجاراته فقال: # أما إنه قد لاذ بملاذ ولم يحجر عليه وكان طلحة شجاعا وكان شحيحا أمسك عن الإنفاق حتى خلف من الأموال ما لا يأتي عليه الحصر، وكان عبد الملك شجاعا وكان شحيحا يضرب به المثل في الشح، وسمي رشح الحجر لبخله، وقد علمت حال أمير المؤمنين # في الشجاعة والسخاء كيف هي، وهذا من أعاجيبه أيضا #.
  قال الرضي |: وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا، فربما اتفق الكلام المختار في رواية، فنقل على وجهه، ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول، إما بزيادة مختارة أو بلفظ أحسن عبارة، فتقتضى الحال أن يعاد استظهارا للاختيار وغيره على عقائل الكلام، وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا ونسيانا لا قصدا أو اعتمادا ولا أدعي مع ذلك أنني أحيط بأقطار جميع كلامه #، حتى لا يشذ عني منه شاذ، ولا يند ناد بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع إلي والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي، وما علي إلا بذل الجهد وبلاغة الوسع وعلى الله سبحانه نهج السبيل وإرشاد الدليل.
  ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب بنهج البلاغة إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها، ويقرب عليه طلابها وفيه حاجة العالم والمتعلم وبغية البليغ والزاهد، ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق، ما هو بلال كل غلة وشفاء كل علة وجلاء كل شبهة، ومن الله أستمد التوفيق والعصمة، وأتنجز التسديد والمعونة، وأستعيذه من خطإ الجنان قبل خطإ