شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

68 - ومن كتاب له # كتبه إلى سلمان الفارسي | قبل أيام خلافته

صفحة 39 - الجزء 18

  فقال كلوا وأكل معهم فقلت إنه لهو فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال ما لك فقصصت عليه القصة فأعجبه ثم قال يا سلمان كاتب صاحبك فكاتبته على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية فقال رسول الله ÷ للأنصار أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل حتى جمعت ثلاثمائة ودية فوضعها رسول الله ÷ بيده فصحت كلها وأتاه مال من بعض المغازي فأعطاني منه وقال أد كتابتك فأديت وعتقت.

  وكان سلمان من شيعة علي # وخاصته وتزعم الإمامية أنه أحد الأربعة الذين حلقوا رءوسهم وأتوه متقلدي سيوفهم في خبر يطول وليس هذا موضع ذكره وأصحابنا لا يخالفونهم في أن سلمان كان من الشيعة وإنما يخالفونهم في أمر أزيد من ذلك وما يذكره المحدثون من قوله للمسلمين يوم السقيفة كرديد ونكرديد محمول عند أصحابنا على أن المراد صنعتم شيئا وما صنعتم أي استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم إلا أنكم عدلتم عن أهل البيت فلو كان الخليفة منهم كان أولى والإمامية تقول معناه أسلمتم وما أسلمتم واللفظة المذكورة في الفارسية لا تعطي هذا المعنى وإنما تدل على الفعل والعمل لا غير ويدل على صحة قول أصحابنا أن سلمان عمل لعمر على المدائن فلو كان ما تنسبه الإمامية إليه حقا لم يعمل له.

  فأما ألفاظ الفصل ومعانيه فظاهرة ومما يناسب مضمونه قول بعض الحكماء تعز عن الشيء إذا منعته بقلة صحبته لك إذا أعطيته.

  وكان يقال الهالك على الدنيا رجلان رجل نافس في عزها ورجل أنف من ذلها.