شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من الأقوال الحكيمة

صفحة 49 - الجزء 18

  والأنعام همهم الحرث والفلاحة ولا يفقهون شيئا أصلا فمجاورتهم تعمي القلب وتظلم الحس وإذا لم يجد الإنسان من يعينه على طاعة الله وعلى تعلم العلم قصر فيهما.

  ومنها قوله واقصر رأيك على ما يعنيك كان يقال من دخل فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه.

  ومنها نهيه إياه عن القعود في الأسواق قد جاء في المثل السوق محل الفسوق.

  وجاء في الخبر المرفوع الأسواق مواطن إبليس وجنده وذلك لأنها قلما تخلو عن الأيمان الكاذبة والبيوع الفاسدة وهي أيضا مجمع النساء المومسات وفجار الرجال وفيها اجتماع أرباب الأهواء والبدع فلا يخلو أن يتجادل اثنان منهم في المذاهب والنحل فيفضي إلى الفتن.

  ومنها قوله وانظر إلى من فضلت عليه كان يقال انظر إلى من دونك ولا تنظر إلى من فوقك وقد بين # السر فيه فقال إن ذلك من أبواب الشكر وصدق # لأنك إذا رأيت جاهلا وأنت عالم أو عالما وأنت أعلم منه أو فقيرا وأنت أغنى منه أو مبتلى بسقم وأنت معافى عنه كان ذلك باعثا وداعيا لك إلى الشكر.

  ومنها نهيه عن السفر يوم الجمعة ينبغي أن يكون هذا النهي عن السفر يوم الجمعة قبل الصلاة وأما بعد الصلاة فلا بأس به واستثنى فقال إلا فاصلا في سبيل الله أي شاخصا إلى الجهاد.

  قال أو في أمر تعذر به أي لضرورة دعتك إلى ذلك.