1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم
  الذي عليه أكثر الأدباء والمتكلمين أن الحمد والمدح أخوان لا فرق بينهما، تقول حمدت زيدا على إنعامه، ومدحته على إنعامه، وحمدته على شجاعته، ومدحته على شجاعته، فهما سواء يدخلان فيما كان من فعل الإنسان وفيما ليس من فعله، كما ذكرناه من المثالين، فأما الشكر فأخص من المدح؛ لأنه لا يكون إلا على النعمة خاصة ولا يكون إلا صادرا من منعم عليه فلا يجوز عندهم أن يقال شكر زيد عمرا لنعمة أنعمها عمرو على إنسان غير زيد.
  إن قيل الاستعمال خلاف ذلك؛ لأنهم يقولون حضرنا عند فلان فوجدناه يشكر الأمير على معروفه عند زيد.
  قيل: ذلك إنما يصح إذا كان إنعام الأمير على زيد أوجب سرور فلان، فيكون شكر إنعام الأمير على زيد شكرا على السرور الداخل على قلبه بالإنعام على زيد، وتكون لفظة زيد التي استعيرت ظاهرا لاستناد الشكر إلى مسماها كناية لا حقيقة ويكون ذلك الشكر شكرا باعتبار السرور المذكور ومدحا باعتبار آخر، وهو المناداة على ذلك الجميل والثناء الواقع بجنسه.
  ثم إن هؤلاء المتكلمين الذين حكينا قولهم يزعمون أن الحمد والمدح والشكر لا يكون إلا باللسان مع انطواء القلب على الثناء والتعظيم، فإن استعمل شيء من ذلك في الأفعال بالجوارح كان مجازا وبقي البحث عن اشتراطهم مطابقة القلب للسان، فإن الاستعمال لا يساعدهم؛ لأن أهل الاصطلاح يقولون لمن مدح غيره أو شكره رياء وسمعة إنه قد مدحه وشكره وإن كان منافقا عندهم، ونظير هذا الموضع الإيمان فإن أكثر المتكلمين لا يطلقونه على مجرد النطق اللساني، بل يشترطون فيه الاعتقاد القلبي، فأما