شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خطبة منسوبة للإمام علي خالية من حرف الألف

صفحة 142 - الجزء 19

  وضيق مرصود بلبن منضود مسقف بجلمود وهيل عليه حفره وحثي عليه مدره وتحقق حذره ونسي خبره ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه وتبدل به قرينه وحبيبه فهو حشو قبر ورهين قفر يسعى بجسمه دود قبره ويسيل صديده من منخره يسحق تربه لحمه وينشف دمه ويرم عظمه حتى يوم حشره فنشر من قبره حين ينفخ في صور ويدعى بحشر ونشور فثم بعثرت قبور وحصلت سريرة صدور وجيء بكل نبي وصديق وشهيد وتوحد للفصل قدير بعبده خبير بصير فكم من زفرة تضنيه وحسرة تنضيه في موقف مهول ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم وبكل صغير وكبير عليم فحينئذ يلجمه عرقه ويحصره قلقه عبرته غير مرحومة وصرخته غير مسموعة وحجته غير مقولة زالت جريدته ونشرت صحيفته نظر في سوء عمله وشهدت عليه عينه بنظره ويده ببطشه ورجله بخطوه وفرجه بلمسه وجلده بمسه فسلسل جيده وغلت يده وسيق فسحب وحده فورد جهنم بكرب وشدة فظل يعذب في جحيم ويسقى شربة من حميم تشوي وجهه وتسلخ جلده وتضربه زبنية بمقمع من حديد ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد يستغيث فتعرض عنه خزنة جهنم ويستصرخ فيلبث حقبة يندم.

  نعوذ برب قدير من شر كل مصير ونسأله عفو من رضي عنه ومغفرة من قبله فهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه وخلد في قصور مشيدة وملك بحور عين وحفدة وطيف عليه بكئوس أسكن في حظيرة قدوس وتقلب في نعيم وسقي من تسنيم وشرب من عين سلسبيل ومزج له بزنجبيل مختم بمسك وعبير مستديم للملك مستشعر للسرر يشرب من خمور في روض مغدق ليس يصدع من شربه وليس ينزف.