شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ مما قيل في السلطان

صفحة 151 - الجزء 19

  وكان يقال ينبغي لمن صحب السلطان أن يستعد للعذر عن ذنب لم يجنه وأن يكون آنس ما يكون به أوحش ما يكون منه.

  وكان يقال شدة الانقباض من السلطان تورث التهمة وسهولة الانبساط إليه تورث الملالة.

  وكان يقال اصحب السلطان بإعمال الحذر ورفض الدالة والاجتهاد في النصيحة وليكن رأس مالك عنده ثلاث الرضا والصبر والصدق.

  واعلم أن لكل شيء حدا فما جاوزه كان سرفا وما قصر عنه كان عجزا فلا تبلغ بك نصيحة السلطان أن تعادي حاشيته وخاصته وأهله فإن ذلك ليس من حقه عليك وليكن أقضى لحقه عنك وأدعى لاستمرار السلامة لك أن تستصلح أولئك جهدك فإنك إذا فعلت ذلك شكرت نعمته وأمنت سطوته وقللت عدوك عنده وإذا جاريت عند السلطان كفؤا من أكفائك فلتكن مجاراتك ومباراتك إياه بالحجة وإن عضهك وبالرفق وإن خرف بك واحذر أن يستحلك فتحمى فإن الغضب يعمي عن الفرصة ويقطع عن الحجة ويظهر عليك الخصم ولا تتوردن على السلطان بالدالة وإن كان أخاك ولا بالحجة وإن وثقت أنها لك ولا بالنصيحة وإن كانت له دونك فإن السلطان يعرض له ثلاث دون ثلاث القدرة دون الكرم والحمية دون النصفة واللجاج دون الحظ