نبذ من الأقوال الحكمية في تقلبات الدهر وتصرفاته
  ٢٩٣ - وَقَالَ # وَقَدْ وَسُئِلَ عَنِ اَلْقَدَرِ فَقَالَ طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلاَ تَسْلُكُوهُ ثُمَّ سُئِلَ ثَانِياً فَقَالَ وَبَحْرٌ عَمِيقٌ فَلاَ تَلِجُوهُ ثُمَّ سُئِلَ ثَالِثاً فَقَالَ وَسِرُّ اَللَّهِ فَلاَ تَتَكَلَّفُوهُ قد جاء
  في الخبر المرفوع القدر سر الله في الأرض وروي سر الله في عباده والمراد نهي المستضعفين عن الخوض في إرادة الكائنات وفي خلق أعمال العباد فإنه ربما أفضى بهم القول بالجبر لما في ذلك من الغموض وذلك أن العامي إذا سمع قول القائل كيف يجوز أن يقع في عالمه ما يكرهه وكيف يجوز أن تغلب إرادة المخلوق إرادة الخالق.
  ويقول أيضا إذا علم في القدم أن زيدا يكفر فكيف لزيد أن لا يكفر وهل يمكن أن يقع خلاف ما علمه الله تعالى في القدم اشتبه عليه الأمر وصار شبهة في نفسه وقوي في ظنه مذهب المجبرة فنهى # هؤلاء عن الخوض في هذا النحو من البحث ولم ينه غيرهم من ذوي العقول الكاملة والرياضة القوية والملكة التامة ومن له قدرة على حل الشبه والتفصي عن المشكلات.
  فإن قلت فإنكم تقولون إن العامي والمستضعف يجب عليهما النظر قلت نعم إلا أنه لا بد لهما من موقف بعد أعمالها ما ينتهي إليه جهدهما من النظر بحيث يرشدهما إلى الصواب والنهي إنما هو لمن يستبد من ضعفاء العامة بنفسه في النظر ولا يبحث مع غيره ليرشده