شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من الأقوال الحكمية في حمد القناعة وقلة الأكل

صفحة 188 - الجزء 19

  فإن امتلاء البطن في حسب الفتى ... قليل الغناء وهو في الجسم صالح

  وقال عيسى # يا بني إسرائيل لا تكثروا الأكل فإنه من أكثر من الأكل أكثر من النوم ومن أكثر النوم أقل الصلاة ومن أقل الصلاة كتب من الغافلين وقيل ليوسف # ما لك لا تشبع وفي يديك خزائن مصر قال إني إذا شبعت نسيت الجائعين.

  وقال الشاعر:

  وأكلة أوقعت في الهلك صاحبها ... كحبة القمح دقت عنق عصفور

  لكسرة بجريش الملح آكلها ... ألذ من تمرة تحشى بزنبور

  ووصف لسابور ذي الأكتاف رجل من إصطخر للقضاء فاستقدمه فدعاه إلى الطعام فأخذ الملك دجاجة من بين يديه فنصفها وجعل نصفها بين يدي ذلك الرجل فأتى عليه قبل أن يفرغ الملك من أكل النصف الآخر فصرفه إلى بلده وقال إن سلفنا كانوا يقولون من شره إلى طعام الملك كان إلى أموال الرعية أشره.

  قيل لسميرة بن حبيب إن ابنك أكل طعاما فأتخم وكاد يموت فقال والله لو مات منه ما صليت عليه

  أنس يرفعه إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت.

  دخل عمر على عاصم ابنه وهو يأكل لحما فقال ما هذا قال قرمنا إليه قال أوكلما قرمت إلى اللحم أكلته كفى بالمرء شرها أن يأكل كل ما يشتهي.

  أبو سعيد يرفعه استعينوا بالله من الرعب قالوا هو الشره ويقال الرعب شؤم

  أنس يرفعه أصل كل داء البردة قالوا هي التخمة وقال أبو دريد العرب تعير بكثرة الأكل وأنشد:

  لست بأكال كأكل العبد ... ولا بنوام كنوم الفهد