شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 62 - الجزء 1

  وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}⁣[الشعراء: ٢٤]، وقوله: ونشر الرياح برحمته من قوله {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}⁣[الأعراف: ٥٧].

  وقوله: ووتد بالصخور ميدان أرضه من قوله: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ٧}⁣[النبأ: ٧] والميدان التحرك والتموج.

  فأما القطب الراوندي | فإنه قال إنه # أخبر عن نفسه بأول هذا الفصل أنه يحمد الله وذلك من ظاهر كلامه، ثم أمر غيره من فحوى كلامه أن يحمد الله وأخبر # أنه ثابت على ذلك مدة حياته وأنه يجب على المكلفين ثبوتهم عليه ما بقوا، ولو قال أحمد الله لم يعلم منه جميع ذلك، ثم قال والحمد أعم من الشكر والله أخص من الإله قال.

  فأما قوله: الذي لا يبلغ مدحته القائلون، فإنه أظهر العجز عن القيام بواجب مدائحه فكيف بمحامده، والمعنى أن الحمد كل الحمد ثابت للمعبود الذي حقت العبادة له في الأزل، واستحقها حين خلق الخلق وأنعم بأصول النعم التي يستحق بها العبادة.

  ولقائل أن يقول: إنه ليس في فحوى كلامه أنه أمر غيره أن يحمد الله وليس يفهم من قول بعض رعية الملك لغيره منهم العظمة والجلال لهذا الملك أنه قد أمرهم بتعظيمه وإجلاله، ولا أيضا في الكلام ما يدل على أنه ثابت على ذلك مدة حياته، وأنه يجب على المكلفين ثبوتهم عليه ما بقوا.

  ولا أعلم كيف قد وقع ذلك للراوندي فإن زعم أن العقل يقتضي ذلك فحق ولكن