فصل في الفخر وما قيل في النهي عنه
  وسلفك فالفضل فيهم لا فيك ولو تكلمت هذه الأشياء لقالت لك هذه محاسننا فما محاسنك.
  وأيضا فإن الأعراض الدنيوية كما قيل سحابة صيف عن قليل تقشع وظل زائل عن قريب يضمحل كما قال الشاعر:
  إنما الدنيا كرؤيا فرحت ... من رآها ساعة ثم انقضت
  بل كما قال تعالى {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}[يونس: ٢٤].
  و إذا كان لا بد من الفخر فليخفر الإنسان بعلمه وبشريف خلقه وإذا أعجبك من الدنيا شيء فاذكر فناءك وبقاءه أو بقاءك وفناءه أو فناءكما جميعا وإذا راقك ما هو لك فانظر إلى قرب خروجه من يدك وبعد رجوعه إليك وطول حسابك عليه وقد ذم الله الفخور فقال {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد: ٢٣]