شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

42 - ومن خطبة له #

صفحة 320 - الجزء 2

  ومن كلام مسعر بن كدام كم من مستقبل يوما ليس يستكمله ومنتظر غدا ليس من أجله ولو رأيتم الأجل ومسيره أبغضتم الأمل وغروره.

  وكان يقال تسويف الأمل غرار وتسويل المحال ضرار.

  ومن الشعر المنسوب إلى علي #:

  غر جهولا أمله ... يموت من جا أجله

  ومن دنا من حتفه ... لم تغن عنه حيله

  وما بقاء آخر ... قد غاب عنه أوله

  والمرء لا يصحبه ... في القبر إلا عمله

  وقال أبو العتاهية

  لا تأمن الموت في لحظ ولا نفس ... ولو تمنعت بالحجاب والحرس

  واعلم بأن سهام الموت قاصدة ... لكل مدرع منا ومترس

  ما بال دينك ترضى أن تدنسه ... وثوب لبسك مغسول من الدنس

  ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس

  ومن الحديث المرفوع أيها الناس إن الأعمال تطوى والأعمار تفنى والأبدان تبلى في الثرى وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض الفرقدين يقربان كل بعيد ويخلقان كل جديد وفي ذلك ما ألهى عن الأمل وأذكرك بحلول الأجل وقال بعض الصالحين بقاؤك إلى فناء وفناؤك إلى بقاء فخذ من فنائك الذي لا يبقى لبقائك الذي لا يفنى.

  وقال بعضهم اغتنم تنفس الأجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل ودع تسويف الأماني والأمل فإنك في نفس معدود وعمر محدود ليس بممدود.

  وقال بعضهم اعمل عمل المرتحل فإن حادي الموت يحدوك ليوم لا يعدوك