شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

43 - ومن كلام له # وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي

صفحة 323 - الجزء 2

  والكتمان ويمكن أن يقال إنه كره استعداد نفسه ولم يكره إعداد أصحابه وهذان متغايران وهذا الوجه اختاره القطب الراوندي.

  ولقائل أن يقول التعليل الذي علل به # يقتضي كراهية الأمرين معا وهو أن يتصل بأهل الشام الاستعداد فيرجعوا عن السلم إلى الحرب بل ينبغي أن تكون كراهته لإعداد جيشه وعسكره خيولهم وآلات حربهم أولى لأن شياع ذلك أعظم من شياع استعداده وحده لأنه وحده يمكن أن يكتم استعداده وأما استعداد العساكر العظيمة فلا يمكن أن يكتم فيكون اتصاله وانتقاله إلى أهل الشام أسرع فيكون إغلاق الشام عن باب خير إن أرادوه أقرب والوجه في الجمع بين اللفظتين ما قدمناه.

  وأما قوله # ضربت أنف هذا الأمر وعينه فمثل تقوله العرب إذا أرادت الاستقصاء في البحث والتأمل والفكر وإنما خص الأنف والعين لأنهما صورة الوجه والذي يتأمل من الإنسان إنما هو وجهه.

  وأما قوله ليس إلا القتال أو الكفر فلأن النهي عن المنكر واجب على الإمام ولا يجوز له الإقرار عليه فإن تركه فسق ووجب عزله عن الإمامة.

  وقوله أو الكفر من باب المبالغة وإنما هو القتال أو الفسق فسمى الفسق كفرا تغليظا وتشديدا في الزجر عنه.

  وقوله # أوجد الناس مقالا أي جعلهم واجدين له.

  وقال الراوندي أوجد هاهنا بمعنى أغضب وهذا غير صحيح لأنه لا شيء ينصب به مقالا إذا كان بمعنى أغضب والوالي المشار إليه عثمان