شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي

صفحة 149 - الجزء 3

  اختلفت في المرتدين من بني ناجية فالرواية الأولى التي رواها محمد بن عبد الله بن عثمان عن نصر بن مزاحم تتضمن أن الأمير الذي من قبل علي # قتل مقاتلة المرتدين منهم بعد امتناعهم من العود إلى الإسلام وسبى ذراريهم فقدم بها على علي # فعلى هذه الرواية يكون الذين اشتراهم مصقلة ذراري أهل الردة.

  والرواية الثانية التي رواها محمد بن عبد الله عن ابن أبي سيف تتضمن أن معقل بن قيس الأمير من قبل علي # لم يقتل من المرتدين من بني ناجية إلا رجلا واحدا وأما الباقون فرجعوا إلى الإسلام والاسترقاق إنما كان للنصارى الذين ساعدوا في الحرب وشهروا السيف على جيش الإمام وليسوا مرتدين بل نصارى في الأصل وهم الذين اشتراهم مصقلة.

  فإن كانت الرواية الأولى هي الصحيحة ففيها إشكال؛ لأن المرتدين لا يجوز عند الفقهاء استرقاقهم ولا أعرف خلافا في هذه المسألة ولا أظن الإمامية أيضا تخالف فيها وإنما ذهب أبو حنيفة إلى أن المرأة المرتدة إذا لحقت بدار الحرب جاز استرقاقها وسائر الفقهاء على خلافه ولم يختلفوا في أن الذكور البالغين من المرتدين لا يجوز استرقاقهم فلا أعلم كيف وقع استرقاق المرتدين من بني ناجية على هذه الرواية على أني أرى أن الرواية المذكورة لم يصرح فيها باسترقاقهم ولا بأنهم بيعوا على مصقلة؛ لأن لفظ الراوي فأبوا فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم فقدم بهم على علي # وليس في الرواية ذكر استرقاقهم ولا بيعهم على مصقلة بل فيها ما ينافي بيعهم على مصقلة وهو قوله فقدم بهم على علي # فإن مصقلة ابتاع السبي من الطريق في أردشيرخرة قبل قدومه على علي # ولفظ الخبر فقدم بهم على علي #.

  و إنما يبقى الأشكال على هذه الرواية أن يقال: إذا كان قد قدم بهم على علي #