كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه
  ابن أبي طالب، وقديم سابقته، وقرابته من نبي الله، ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول، واحتجاجك علي، وفخرك بفضل غيرك لا بفضلك فاحمد إلها صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده، وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته وأفلج حجته قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهما به الهموم وأرادا به العظيم، فبايعهما وسلم لهما لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضا، وانقضى أمرهما، ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان يهتدي بهديهما، ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما وظهرتما، وكشفتما له عداوتكما وغلكما حتى بلغتما منه مناكما، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر، فسترى وبال أمرك، وقس شبرك بفترك تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه، ولا تلين على قسر قناته ولا يدرك ذو مدى أناته أبوك مهد له مهاده، وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يكن جورا فأبوك أسه، ونحن شركاؤه فبهداه أخذنا وبفعله اقتدينا رأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله فعب أباك بما بدا لك أو دع، والسلام على من أناب ورجع من غوايته وناب.
  قال: وأمر علي # الحارث الأعور أن ينادي في الناس اخرجوا إلى معسكركم