شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين

صفحة 202 - الجزء 3

  وروى نصر بن مزاحم عوض قوله فأنهضهم معكم إلى عدوكم، فأنهضهم معكم إلى عدو الله، قال نصر: فقام إليه معقل بن قيس الرياحي، فقال: يا أمير المؤمنين، والله ما يتخلف عنك إلا ظنين، ولا يتربص بك إلا منافق، فمر مالك بن حبيب فليضرب أعناق المتخلفين، فقال قد أمرته بأمري وليس بمقصر إن شاء الله.

أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين

  قال نصر بن مزاحم ثم سار # حتى انتهى إلى مدينة بهرسير، وإذا رجل من أصحابه يقال له حر بن سهم بن طريف، من بني ربيعة بن مالك، ينظر إلى آثار كسرى ويتمثل بقول الأسود بن يعفر:

  جرت الرياح على محل ديارهم فكأنما كانوا على ميعاد

  فقال له # ألا قلت: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٢٥ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ٢٦ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ٢٧ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ٢٨ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ٢٩}⁣[الدخان: ٢٥ - ٢٩]، إن هؤلاء كانوا وارثين، فأصبحوا مورثين ولم يشكروا النعمة، فسلبوا دنياهم بالمعصية إياكم، وكفر النعم لا تحل بكم النقم انزلوا بهذه الفجوة.