القول في الملائكة وأقسامهم
  قسما واحدا فأعاد الأقسام الأربعة إلى ثلاثة وليس بجيد؛ لأنه قال: ومنهم الحفظة فلفظة ومنهم تقتضي كون الأقسام أربعة؛ لأنه بها فصل بين الأقسام.
  وقال أيضا معنى قوله # لا يغشاهم نوم العيون يقتضي أن لهم نوما قليلا لا يغفلهم عن ذكر الله سبحانه، فأما البارئ سبحانه فإنه لا تأخذه سنة ولا نوم أصلا مع أنه حي وهذه هي المدحة العظمى.
  ولقائل أن يقول لو ناموا قليلا لكانوا زمان ذلك النوم وإن قل غافلين عن ذكر الله سبحانه؛ لأن الجمع بين النوم وبين الذكر مستحيل.
  والصحيح أن الملك لا يجوز عليه النوم كما لا يجوز عليه الأكل والشرب؛ لأن النوم من توابع المزاج والملك لا مزاج له، وأما مدح البارئ بأنه لا تأخذه سنة ولا نوم فخارج عن هذا الباب؛ لأنه تعالى يستحيل عليه النوم استحالة ذاتية لا يجوز تبدلها، والملك يجوز أن يخرج عن كونه ملكا بأن يخلق في أجزاء جسمه رطوبة ويبوسة وحرارة وبرودة يحصل من اجتماعها مزاج، ويتبع ذلك المزاج النوم فاستحالة النوم عليه إنما هي ما دام ملكا فهو كقولك الماء بارد، أي ما دام ماء؛ لأنه يمكن أن يستحيل هواء، ثم نارا فلا يكون باردا؛ لأنه ليس حينئذ ماء والبارئ جلت عظمته يستحيل على ذاته أن يتغير فاستحال عليه النوم استحالة مطلقة مع أنه حي ومن هذا إنشاء التمدح، وروى أبو هريرة عن النبي ÷ أن الله خلق الخلق أربعة أصناف، الملائكة والشياطين والجن والإنس، ثم جعل الأصناف الأربعة عشرة أجزاء فتسعة منها الملائكة وجزء واحد الشياطين والجن والإنس، ثم جعل هؤلاء الثلاثة عشرة أجزاء، فتسعة منها الشياطين وجزء واحد الجن والإنس، ثم جعل الجن والإنس عشرة أجزاء، فتسعة منها الجن وجزء واحد الإنس،