شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

14 - ومن كلام له # في مثل ذلك

صفحة 267 - الجزء 1

١٤ - ومن كلام له # في مثل ذلك

  (أَرْضُكُمْ قَرِيبَةٌ مِنَ اَلْمَاءِ بَعِيدَةٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ خَفَّتْ عُقُولُكُمْ وَسَفِهَتْ حُلُومُكُمْ فَأَنْتُمْ غَرَضٌ لِنَابِلٍ وَأُكْلَةٌ لآِكِلٍ وَفَرِيسَةٌ لِصَائِلٍ [صَائِدٍ]) الغرض ما ينصب ليرمى بالسهام، والنابل ذو النبل والأكلة بضم الهمزة المأكول وفريسة الأسد ما يفترسه.

  وسفه فلان بالكسر، أي صار سفيها، وسفه بالضم أيضا فإذا قلت سفه فلان رأيه أو حلمه أو نفسه لم تقل إلا بالكسر؛ لأن فعل بالضم لا يتعدى وقولهم سفه فلان نفسه، وغبن رأيه، وبطر عيشه، وألم بطنه، ورفق حاله، ورشد أمره كان الأصل فيه كله سفهت نفس زيد، فلما حول الفعل إلى الرجل انتصب ما بعده بالمفعولية هذا مذهب البصريين والكسائي من الكوفيين.

  وقال الفراء: لما حول الفعل إلى الرجل خرج ما بعده مفسرا ليدل على أن السفاهة فيه وكان حكمه أن يكون سفه زيد نفسا؛ لأن المفسر لا يكون إلا نكرة ولكنه ترك على إضافته ونصب كنصب النكرة تشبيها بها.

  ويجوز عند البصريين والكسائي تقديم المنصوب كما يجوز ضرب غلامه زيد وعند الفراء لا يجوز تقديمه؛ لأن المفسر لا يتقدم.