شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خطبة علي بالمدينة في أول إمارته

صفحة 307 - الجزء 1

خطبة علي بالمدينة في أول إمارته

  واعلم أن كلام أمير المؤمنين # وكلام أصحابه وعماله في واقعة الجمل كله يدور على هذه المعاني التي اشتملت عليها ألفاظ هذا الفصل، فمن ذلك الخطبة التي رواها أبو الحسن علي بن محمد المدائني عن عبد الله بن جنادة، قال: قدمت من الحجاز أريد العراق في أول إمارة علي # فمررت بمكة فاعتمرت، ثم قدمت المدينة فدخلت مسجد رسول الله ÷ إذ نودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس وخرج علي # متقلدا سيفه فشخصت الأبصار نحوه فحمد الله وصلى على رسوله ÷، ثم قال: (أما بعد فإنه لما قبض الله نبيه ÷، قلنا: نحن أهله وورثته، وعترته، وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد ولا يطمع في حقنا طامع إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الإمرة لغيرنا وصرنا سوقة يطمع فينا الضعيف ويتعزز علينا الذليل فبكت الأعين منا لذلك، وخشنت الصدور وجزعت النفوس وايم الله لو لا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن يعود الكفر ويبور الدين لكنا على غير ما كنا لهم عليه، فولي الأمر ولاة لم يألوا الناس خيرا، ثم استخرجتموني أيها الناس من بيتي فبايعتموني على شين مني لأمركم وفراسة تصدقني ما في قلوب كثير منكم، وبايعني هذان الرجلان في أول من بايع تعلمون ذلك، وقد نكثا وغدرا ونهضا إلى البصرة بعائشة ليفرقا جماعتكم ويلقيا بأسكم بينكم، اللهم فخذهما بما عملا أخذة رابية