شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر بعض مقامات العارفين والزهاد

صفحة 34 - الجزء 11

  وهو يكره أن يفعله والبشر أهون على الله تعالى من أن يحل لهم أمرا مجاملة واستصلاحا للحال معهم وهو يكره منهم فعله.

  وقوله هذا أنت أي فما بالنا نراك خشن الملبس والتقدير فها أنت تفعل كذا فكيف تنهى عنه.

  وطعام جشب أي غليظ وكذلك مجشوب وقيل إنه الذي لا أدم معه.

  قوله # أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس أي يشبهوا ويمثلوا.

  وتبيغ الدم بصاحبه وتبوغ به أي هاج به وفي الحديث عليكم بالحجامة لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله وقيل أصل يتبيغ يتبغى فقلب جذب وجبذ أي يجب على الإمام العادل أن يشبه نفسه في لباسه وطعامه بضعفة الناس جمع ضعيف لكيلا يهلك الفقراء من الناس فإنهم إذا رأوا إمامهم بتلك الهيئة وبذلك المطعم كان أدعى لهم إلى سلوان لذات الدنيا والصبر عن شهوات النفوس

ذكر بعض مقامات العارفين والزهاد

  وروي أن قوما من المتصوفة دخلوا خراسان على علي بن موسى الرضا فقالوا له إن أمير المؤمنين فكر فيما ولاه الله من الأمور فرآكم أهل البيت أولى الناس أن تؤموا الناس ونظر فيك من أهل البيت فرآك أولى الناس بالناس فرأى أن يرد هذا الأمر إليك والإمامة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض فقال لهم إن يوسف كان نبيا يلبس أقبية الديباج المزررة بالذهب ويجلس على متكآت آل فرعون ويحكم إنما يراد من الإمام قسطه وعدله إذا قال صدق