شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعض الأشعار والحكايات في وصف القبور والموتى

صفحة 156 - الجزء 11

  ثم وصفهم بصفة أخرى فقال كل واحد منهم موصوف بالوحدة وهم مع ذلك مجتمعون بخلاف الأحياء الذين إذا انضم بعضهم إلى بعض انتفى عنه وصف الوحدة.

  ثم قال وبجانب الهجر وهم أخلاء أي وكل منهم في جانب الهجر وهم مع ذلك أهل خلة ومودة أي كانوا كذلك وهذا كله من باب الصناعة المعنوية والمجاز الرشيق.

  ثم قال إنهم لا يعرفون للنهار ليلا ولا لليل نهارا وذلك لأن الواحد من البشر إذا مات نهارا لم يعرف لذلك النهار ليلا أبدا وإن مات ليلا لم يعرف لذلك الليل صباحا أبدا وقال الشاعر:

  لا بد من يوم بلا ليلة ... أو ليلة تأتي بلا يوم

  وليس المراد بقوله أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا أنهم وهم موتى يشعرون بالوقت الذي ماتوا فيه ولا يشعرون بما يتعقبه من الأوقات بل المراد أن صورة ذلك الوقت لو بقيت عندهم لبقيت أبدا من غير أن يزيلها وقت آخر يطرأ عليها ويجوز أن يفسر على مذهب من قال ببقاء الأنفس فيقال إن النفس التي تفارق ليلا تبقى الصورة الليلية والظلمة حاصلة عندها أبدا لا تزول بطرآن نهار عليها لأنها قد فارقت الحواس فلا سبيل لها إلى أن يرتسم فيها شيء من المحسوسات بعد المفارقة وإنما حصل ما حصل من غير زيادة عليه وكذلك الأنفس التي تفارق نهارا

بعض الأشعار والحكايات في وصف القبور والموتى

  واعلم أن الناس قد قالوا في حال الموتى فأكثروا فمن ذلك قول الرضي أبي الحسن ¦