شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

49 - ومن كتاب له # إلى معاوية أيضا

صفحة 14 - الجزء 17

٤٩ - ومن كتاب له # إلى معاوية أيضا

  أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً عَلَيْهَا وَلَهَجاً بِهَا وَلَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِيهَا عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْهَا وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَنَقْضُ مَا أَبْرَمَ وَلَوِ اِعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى حَفِظْتَ مَا بَقِيَ وَاَلسَّلاَمُ هذا كما قيل في المثل صاحب الدنيا كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا والأصل في هذا

  قول الله تعالى لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب وهذا من القرآن الذي رفع ونسخت تلاوته.

  وقد ذكر نصر بن مزاحم هذا الكتاب وقال إن أمير المؤمنين # كتبه إلى عمرو بن العاص وزاد فيه زيادة لم يذكرها الرضي

  أما بعد فإن الدنيا مشغلة عن الآخرة وصاحبها منهوم عليها لم يصب شيئا منها قط إلا فتحت عليه حرصا وأدخلت عليه مئونة تزيده رغبة فيها