شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل فيما يجب على مصاحب الملك

صفحة 76 - الجزء 17

  فَإِنَّ اَلرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ يَتَعَرَّفُونَ لِفِرَاسَاتِ اَلْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَحُسْنِ حَدِيثِهِمْ خِدْمَتِهِمْ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ اَلنَّصِيحَةِ وَاَلْأَمَانَةِ شَيْ ءٌ وَلَكِنِ اِخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي اَلْعَامَّةِ أَثَراً وَأَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَلِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ وَاِجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لاَ يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَلاَ يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَمَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ

فصل فيما يجب على مصاحب الملك

  لما فرغ من أمر الخراج شرع في أمر الكتاب الذين يلون أمر الحضرة ويترسلون عنه إلى عماله وأمرائه وإليهم معاقد التدبير وأمر الديوان فأمره أن يتخير الصالح منهم ومن يوثق على الاطلاع على الأسرار والمكايد والحيل والتدبيرات ومن لا يبطره الإكرام والتقريب فيطمع فيجترئ على مخالفته في ملإ من الناس والرد عليه ففي ذلك من الوهن للأمير وسوء الأدب الذي انكشف الكاتب عنه ما لا خفاء به.

  قال الرشيد للكسائي يا علي بن حمزة قد أحللناك المحل الذي لم تكن تبلغه همتك فرونا من الأشعار أعفها ومن الأحاديث أجمعها لمحاسن الأخلاق وذاكرنا بآداب الفرس والهند ولا تسرع علينا الرد في ملإ ولا تترك تثقيفنا في خلإ.

  وفي آداب ابن المقفع لا تكونن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك على