شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الخامس

صفحة 195 - الجزء 17

الطعن الخامس

  قالوا إنه ÷ لم يول أبا بكر الأعمال وولى غيره ولما ولاه الحج بالناس وقراءة سورة براءة على الناس عزله عن ذلك كله وجعل الأمر إلى أمير المؤمنين # وقال لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني حتى يرجع أبو بكر إلى النبي ص.

  أجاب قاضي القضاة فقال لو سلمنا أنه لم يوله لما دل ذلك على نقص ولا على أنه لم يصلح للإمارة والإمامة بل لو قيل إنه لم يوله لحاجته إليه بحضرته وإن ذلك رفعة له لكان أقرب لا سيما وقد روي عنه ما يدل على أنهما وزيراه وأنه كان ÷ محتاجا إليهما وإلى رأيهما فلذلك لم يولهما ولو كان للعمل على تركه فضل لكان عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما أفضل من أكابر الصحابة لأنه # ولاهما وقدمهما وقد قدمنا أن توليته هي بحسب الصلاح وقد يولى المفضول على الفاضل تارة والفاضل أخرى وربما ولى الواحد لاستغنائه عنه بحضرته وربما ولاه لاتصال بينه وبين من يولى عليه إلى غير ذلك ثم ادعى أنه ولى أبا بكر على الموسم والحج قد ثبتت بلا خلاف بين أهل الأخبار ولم يصح أنه عزله ولا يدل رجوع أبي بكر إلى النبي ÷ مستفهما عن القصة على العزل ثم جعل إنكار من أنكر حج أبي بكر في تلك السنة بالناس كإنكار عباد وطبقته أخذ أمير المؤمنين # سورة براءة من أبي بكر وحكي عن أبي علي أن المعنى كان في أخذ السورة من أبي بكر أن من عادة العرب أن سيدا من سادات قبائلهم إذا عقد عقد القوم فإن ذلك العقد لا ينحل إلا أن يحله هو أو بعض سادات قومه فلما كان هذا عادتهم وأراد النبي ÷ أن ينبذ إليهم عقدهم وينقض ما كان بينه وبينهم علم