الرسالة الأولى: الناصحة المشيرة في ترك الاعتراض على السيرة
  تحلف، ونحن نجبر ما جنيتَ - إن كنتَ جنيتَ - من مالنا بالغاً ما بلغ، فأنكر أشد الإنكار فاستحلفناه اليمين البالغة بإذن خصمه، وبرئت ذمته من الدعوى.
  وأما ما ذكر من أمر داوود - أيده الله - والمردعي وجعفر:
  فلا شك أنهم تداعوا الثور كما نعلم فادعى داوود أن ثمنه كثير، وادعى الآخر أن ثمنه ستة دنانير أو سبعة، وقد عزما على اليمين فأصلحنا بينهم بدينارين لداوود أو ثلاثة هو أحفظ لذلك منا وأعرف لتفصيله.
  وأما قوله: إن جعفراً لي جليس:
  فقد علم أنا لا نختص بأحد دون أحد من كثرة الناس، من طالب حاجة وغيره، وهل يخلو المكان لواحد أو ننفرد، إلا وقت الوضوء؟! وذلك ظاهر.
  فأما أن الناس يخرجون عند انسلاخ النهار وهو واقف فهل له عنا مخرج، وإلى أين؟ ونحن ربيناه صغيراً، وشاركنا في الحلو والمر.
  وقد كان رسول الله ÷ يرعى للمشركين صحبتهم القديمة بعد الإسلام، حتى إنه لما بلغه أن في بطن أبي براء ملاعب الأسنة دَبيلة، وهو مشرك، فقبض قبضة من تراب ونفث فيها وأمر بها إليه فشربها وبرئ(١).
  وهذا نهاية الصنيع في الدنيا، وفعل ذلك لصداقة بينهما في الجاهلية.
(١) أبو البراء: عامر بن مالك بن جعفر العامري، المعروف بملاعب الأسنة، أرسل إلى النبي ÷ بأنها قد أصابته الدبيلة، فأرسل إليه بعكة من عسل يتداوى بها.
والدبيلة: هي خُرَاجٌ ودُمَّلٌ كبير تَظْهَرُ في الجَوفِ فتَقْتل صاحبَها غالباً.