السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على الإعتراضات على السيرة]

صفحة 210 - الجزء 1

  وأما ما ذكره: أنه لو أخذ لاستغراقهم للحقوق فمن أين العلم بذلك؟

  ولو أخذ لذلك لوجدت طريقه: بأنهم في دول الظالمين منذ خمس مائة وأربعين أو نيف وأربعين، يقبضون دينارهم ودرهمهم، ويبايعون عساكرهم، ويشتاطون جباياتهم، ولا نعلم من دهمائهم وجمهورهم من يحترز من ذلك، فإن قدر وجود رجل أو رجلين فذلك أمر نادر، لا يعترض به على العموم، والحكم للأعم، وأمثاله كثير، وهذا الذي منع من حمل ما معهم على الصحة، ولا يمكن رده وإنكاره، وإن كنا لم نأخذه من هذه الطريق كما قدمنا.

[الاعتراض الثالث: في تولية الأشراف على جمع الصدقات]

  قال أيده الله: ومن ذلك تولية الشرفاء على الصدقة، وقد منع رسول الله ÷ بني هاشم عن تولي عُمالتها.

  الجواب عن ذلك: أن توليتهم على الصدقة لا مانع منه، ولا خلاف بين أهل العلم في جوازه، فأما نهي النبي ÷ لبني هاشم فإنما كان لأنهم سألوه أن يجعل لهم منها نصيباً لمكان عمالتهم، فقال: «إن الله كره لكم غسالة أوساخ الناس»، وفي أخرى «أيدي الناس»، فتفهّم ذلك تجده كما ذكرنا.

  ألا ترى أن أمير المؤمنين # ولّى عبدالله بن العباس البصرة، وقثم بن العباس المدينة ومكة والحجاز، وعبيد الله بن العباس اليمن، وقد قال أبو فراس في قصيدته الميمية وهي مشهورة:

  أما علي فقد أدنى قرابتكم ... عند الولاية إن لم تُكفر النعمُ