جواب مسائل من بعض أهل صنعاء
  وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ١٣ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ١٤}[القمر]، وكذلك موسى وهارون لما وقع اليأس هاجروا، وقصص الأنبياء بذلك معلومة، فإقامتهم كانت بالأمر من الله سبحانه لغرض، عند ارتفاعه وجبت الهجرة والانفصال.
  وأما اللطف فذلك واجب لمن رجى إقبال الموعوظ أو إلزامه الحجة.
  وأما وصول جابر منزلك:
  فإن علمت ذلك فهو غير الحق، والعلم لا يخالف الحق؛ لأن المذكور ما وصل لك منزلاً، ولا قصدك بشر مخصوص، ومن حكى ذلك لك فقد قال غير الحق؛ لأنه لو فعل ذلك لما أنكر ولا اعتذر منه؛ لأن القصد للبلد ومن فيها، والمسلم في ذلك - ولا سيما إن كان يترشح بالعلم ويدعيه - أعظم جرماً من الجاهل المجرم، وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله أن قال: «لَلزبانية يوم القيامة إلى حملة القرآن أسرع منهم إلى عبدة الأوثان والنيران، فيقولون: يا رب بديء بنا سورع إلينا، فيقول: ليس من يعلم كمن لا يعلم».
  وأما النهي عن إتيان البيوت من ظهورها:
  فإنما ذلك بيوت المسلمين الأولياء، فأما المحاربون فمن أي جهة أمكن جاز ذلك، ولا خلاف فيه بين أهل العلم، ولا قصد هو ولا غيره مساءة بحريمك فضلاً عن السبي، فقد علمت وعلم الكل أنا خلينا لك من عرفنا انتسابه إلى مذهب الحق - وإن كان مخالفاً للحق بفعله ومفارقة أهله -، وهذا عملناه في تلك الحال مِنَّة وإحساناً وإن جزاه أكثرهم سبّاً وكفراناً، فإن تمادوا في غيهم ارتفع حكم التمييز إن وقعت قدرة؛ لأن الله تعالى يقول: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ٤٣}[القمر].