[جواز اختلاف نظر الإمام في المسائل المتشابه لمصلحة يراها]
  ووجه الاستدلال بهذه الآية: شرط النجاة من العذاب الأليم بالإيمان بالله ورسوله والجهاد بالمال والنفس، فالجهاد بالمال إنفاقه، والجهاد بالنفس معروف.
  ويؤيد ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١١١}[التوبة: ١١١]، ومن لم يدخل الجنة من المكلفين دخل النار لا محالة، لأن ما بعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار، ولا بد في نفاذ البيع من تسليم الثمن أو الرجوع في المبيع، وقد سئل رسول الله ÷ عن أشياء هل هي واجبة، فقال: «لا، ولو قلت نعم وجبت»، ولهذا قال بعض الفقهاء: إن إليه # التحليل والتحريم، وعندنا أنه # قال: «لو رأيت في ذلك صلاحاً وأمرت به لوجب اتباعي»، لقوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣}[النور: ٦٣].
[جواز اختلاف نظر الإمام في المسائل المتشابه لمصلحة يراها]
  وللمجتهد أن يوجب باجتهاده ما لم يكن قبل واجباً، وذلك معلوم لأهل العلم، فإذا أدى الإمام نظره إلى إلزام قسط من المال للإنفاق في سبيل الله، كان قبل إلزامه غير واجب وبعده واجباً.
  ويجوز للإمام الامتناع مما يجوز فعله إذا رأى في ذلك مصلحة، كما فعل النبي ÷ في الطائف لما أمر بقطع أعنابهم فاستعفوه، فأعفاهم، وسأله بعض أصحابه غزو بني مدلج فامتنع من ذلك وقال: «رب غاز في سبيل الله من