السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أعمال الوالي إذا وصل إلى بلد ولايته]

صفحة 427 - الجزء 1

  ولا تقبل لأحد منهم هدية، فإن قبلتها فهي لبيت مال المسلمين، ولا شيء لك منها إلا ما طابت به نفس إمامك، بعد أن تعرفه ذلك، وإلا كنت غاشاً لله ولرسوله ÷.

  فإذا جمعت - بحمد الله - المال وهو ما حققنا لك من الفرائض في صدر كتابنا، أو معونة في الجهاد يصل بها إليك رسمنا، فاقسم ما كان مما يتعلق بباب الحقوق الواجبة لله سبحانه أرباعاً، فأخرج الربع منه ففرقه على أهل العيلة والضعف والزمانة، الذين لا يحسنون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، ولا تعط أحداً من أهل التحرف والقدرة قليلاً ولا كثيراً، وإن قام بحاجتك دون الربع لم تتجاوزه.

  واعلم أن الجهاد والمجاهدين أولى بمال الله سبحانه في وقتنا هذا، وبمثل ذلك أمر الهادي # وهو رأينا واجتهادنا؛ لأن الله سبحانه فرض الجهاد على المسلمين، فمن تأخر عن ذلك ممن له قدرة عليه فقد أخل بأشرف الواجبات، فما بقي له نصيب في مال الله سبحانه.

  واحفظ الثلاثة الأرباع حتى يأتيك أمرنا، وإذا اعترض عليك الشك في الترجيح بين أمرنا ورأي نفسك، فآثر رأينا على رأي نفسك، واحمد من وكلك إلى غيرك، وحمل مؤونة النظر في تكليفك سواك، من أدلة رشدك، وعترة نبيك الذين هم أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وسفينة النجا، أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده، وإياك والافتتان بكلام المحرفين والمتأولين والمنحرفين، الذين أخذوا الدنيا بالدين، ولبسوا للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، إلا إذ أدرت لهم معايشهم، وسلموا في أمر دنياهم، قد لهجوا بالصلاة والصوم، وتركوا من الفرائض أسناها