[نص العهد]
  عباده أو جماعتهم، فهذا عندنا هو من الشرك بالحكيم سبحانه - نعوذ بالله تعالى منه لنا ولجميع نوابنا وولاتنا -، بل يكون غضبنا ورضانا له وقيامنا به وفيه.
  وأن يعظما ملائكة الله سبحانه وأنبياءه وأئمته والصالحين من عباده، وأن يسويا في الحق بين القريب والبعيد، والولي والعدو، ويردا القوي ضعيفاً حتى يعطي الحق، والضعيف قويّاً حتى يأخذه، وأن يقيما ألسنتهما بالحق فلا تأخذهما في الله لومة لائم، وأن يصبرا أنفسهما لله تعالى وفيه، وأن تكون أعيانهما مغضوضة عن الدنيا، طامحة إلى الآخرة، فلا يكون همهما إلا بالموت وما بعد الموت، فإن ذلك أجدر أن لا يركنا إلى الدنيا الغرارة، الخداعة الفانية الفتانة المكارة.
  واعلما - أعانكما الله وإيانا بعونه، الذي من منحه إياه هانت عليه الشدائد، وقرت له الشوارد، وغلب المعاند - أنَّا حَمَّلنَاكُمَا ما أبت السماء على سعتها وارتفاعها، والأرض على صلابتها وقوتها، والجبال على طولها وشدتها حملَه، وهابت ثقله، من الأمانة، فاستعِينَا بالله تعالى على حمل ما حملتما، ولا تكونا غافلين عن أنفسكما، فإن لله تعالى عليكما حفظة في ليلكما ونهاركما، لا ينامون إن نمتما، ولا يغفلون إن غفلتما، خوفهم لله تعالى أشد من خوفكما، وطاعتهم له أمتن من طاعتكما وطاعة إمامكما، إلا أن تداركه نعمة من ربه وتدارككما، فيا له من رصيد ما أروعه، وجند ما أطوعه، ولا يغفل كما يغفل الأحراس، ولا يسهو كما يسهو الناس، هيهات هيهات، وكيف يكون ذلك وقد علم ما جهلوا، وحفظ ما أهملوا، وخاف ما أمنوا، واستلان من طاعة الله ما استخشنوا، واستقبح من معصية الله ما استحسنوا، فهل إلى الإقالة سبيل، أو بالسلامة كفيل، وكيف وقد استحكمت أناشيط عقد العهود، وحال الوعيد دون الهجود، بلى - رحمكما الله - المفازة تقطع بالدليل الشفيق، والمخافة تجاز