السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

عهد الإمام # إلى الأمير علي بن المحسن والشيخ ظهير الدين أحمد بن حجلان

صفحة 455 - الجزء 1

  بالرفيق الوثيق، فاجعلا إمامكما دليلكما في ملتبس سبيلكما، فإن الله تعالى قد صغر الدنيا في عينه حتى صار يراها بعين القلة، ويضربها بسوط الذلة، زادُه منها كزاد الراكب، لا يجمع لها شتاتاً، ولا يتزود منها بتاتاً، همه منها فرسه وسلاحه، وما يستعين به على جهاد عدوه، وما عدا ذلك يراه حجراً محجوراً، ودنيّاً مهجوراً.

  وعليكما بالأناة في أموركما، وترك العجلة في تصرفاتكما، فإن الأناة ثمرة العقل، والعجلة ثمرة الجهل، أعاذنا الله وإياكما من الجهل المؤدي إلى الخسران، والإفراط المجاوز للإيمان، فإذا التبس عليكما أمر فاتركا سنة الاستبداد، وافزعا إلى المشورة لأهل العقول، واعلما أن للمشورة آفة إن سلمتما منها نلتما نفعها إن شاء الله.

  وهو أن المشير لا بد أن يجمع أربعة أمور: الدين، والعقل، والنصح، والمودة.

  ومن كان بغير هذه الصفة فمشورته الداء الدفين، وبعد هذه الخصال تصح المشورة وتثمر، لكنها لا تستمر ما لم يعلم المستشير طبع المشير، فإنّ جهلَ المستشير طبعَ المشير أمرٌ يؤدي إلى الغرر، ويوصل إلى ميدان الضرر، وإنما كان كذلك لأن المشير إنما يشير بما يناسب طبعه:

  إن كان نزقاً أشار بالتنمر والعجلة.

  وإن كان جباناً أشار بالوهن والاستكانة.

  وإن كان متهوراً مقداماً أشار بالاقتحام على غير بصيرة قبل معرفة المصدر.