عهد الإمام # إلى الأمير علي بن المحسن والشيخ ظهير الدين أحمد بن حجلان
  وإن كان يقظاً حازماً، مِخْلَطَاً مِزْيَلاً(١)، حُوَّلاً قُلَّباً(٢)، أشار بما ينتظم به التدبير، ويصلح الأمور، ويسد الثغور، فقد رأيتما أن لا بد من معرفة طبعه، كما نبهتكما على برهانه، حتى يعمل العامل على بصيرة، ويسلك في ذلك أحسن سيرة.
  وعليكما بتوقير أهل الأسنان والرفعة والرئاسة، وتقديم أهل العلم والمعرفة، واجعلا أهل الورع والأمانة لكما وليجة وبطانة، فإنهم جندكما على الشيطان، وعونكما على طاعة الرحمن.
  ولا توليا شيئاً من عملكما من لم تظهر أمانته، وتفقد خيانته، ويحسن في أمور نفسه نظره، ويحمد في طرق الخير أثره.
  ولا تغفلا عن التفقد لأحوال الرعية، واجهدا في أن لا تقول الرعية، فإن من قال يوشك أن يفعل.
  ولا تلينا في وقت الخشونة، ولا تخشنا في وقت اللين، وليكن نظركما في العواقب ثاقباً، فإن المهتم بالحاضر، الناسي للغائب شبيه بالبهيمة المهملة، والضالة المبهلة(٣).
  وعليكما بفعل ما وضح برهانه، وظهر بيانه، وترك ما التبس حاله، واشتبهت أفعاله، فإن لله تعالى في علمه بقية استبقاها لنفسه، ولأهل الرسوخ في العلم من عترة نبيه عليه وعليهم أفضل السلام.
(١) المِخْلَطُ، كمِنْبَرٍ ومِحْرَابٍ: من يُخالِطُ الأُمورَ. وهو مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، كما يقالُ: راتِقٌ فاتِقٌ. تمت قاموس.
والمِزْيَلُ، كمنبرٍ ومِحْرابٍ: الرجُلُ الكَيّسُ اللَّطيفُ.
(٢) والحُوَّلُ القُلَّبُ: المُحْتالُ البَصيرُ بِتَقَلُّبِ الأُمورِ.
(٣) ناقَةٌ باهِلٌ، بَيِّنَةُ البَهَلِ: لا صِرارَ عليها، أو لا خِطَامَ، أو لا سِمَةَ، وناقة مُبْهَلَةٌ ومُباهِلٌ: حُلَّ صِرارُهَا، وتُرِكَ ولَدُها يَرْضَعُها.